Browse Results

Showing 28,226 through 28,226 of 28,226 results

كليلة و دمنة

by مجهول

قال علي بن الشاه الفارسي: كان السبب الذي من أجله وضع بيدبا الفيلسوف لدبشليم ملك الهند كتاب "كليلة ودمنة" أن الإسكندر ذا القرنين الرومي لمَّا فرغ من أمر الملوك الذين كانوا بناحية المغرب سار يريد ملوك المشرق من الفرس وغيرهم. فلم يزل يحارب مَنْ نازعه ويواقع مَنْ واقعه ويسالم مَنْ وادعه من ملوك الفرس وهم الطبقة الأولى حتى ظهر عليهم وقهر مَنْ ناواه، وتغلَّب على مَنْ حاربه فتفرَّقوا طرائق وتمزَّقوا حزائق؛ فتوجه بالجنود نحو بلاد الصين فبدأ في طريقه بملك الهند ليدعوه إلى طاعته والدخول في ملته وولايته. وكان على الهند في ذلك الزَّمان ملك ذو سطوة وبأس وقوة ومراس يقال له فور؛ فلمَّا بلغه إقبال ذي القرنين نحوه تأهب لمحاربته واستعدَّ لمجاذبته وضمَّ إليه أطرافه وجدَّ في التألب عليه وجمع له العدَّة في أسرع مدَّة، من الفيلة المعدَّة للحروب والسباع المضراة بالوثوب، مع الخيول المسرجة، والسيوف القواطع، والحراب اللوامع. فلمَّا قرب ذو القرنين من فور الهندي وبلغه ما قد أعدَّ له من الخيل التي كأنها قطع الليل، مما لم يلقه بمثله أحد من الملوك الذين كانوا في الأقاليم، تخوَّف ذو القرنين من تقصير يقع به إن عجَّل المبارزة. وكان ذو القرنين رجلاً ذا حيل ومكايد مع حسن تدبير وتجربة؛ فرأى إعمال الحيلة والتمهُّل، واحتفر خندقًا على عسكره وأقام بمكانه لاستنباط الحيلة والتدبير لأمره وكيف ينبغي له أن يقدم على الإيقاع به، فاستدعى المنجمين وأمرهم بالاختيار ليوم موافق تكون له فيه سعادة لمحاربة ملك الهند والنصرة عليه؛ فاشتغلوا بذلك. وكان ذو القرنين لا يمرُّ بمدينة إلاَّ أخذ الصُنَّاع المشهورين من صُنَّاعها بالحذق من كل صنف؛ فنتجت له همته ودلته فطنته أن يتقدَّم إلى الصناع الذين معه أن يصنعوا خيلاً من نحاس مجوفة عليها تماثيل من الرجال على بكر تجري، إذا دفعت مرَّت سراعًا، وأمر إذا فرغوا منها أن تُحْشَى أجوافها بالنفط والكبريت وتلبس وتقدَّم أمام الصف في القلب، ووقف ما يلتقي الجمعان تضرب فيها النيران، فإن الفيلة إذا لفت خراطيمها على الفرسان وهي حامية ولَّت هاربة، وأوعز إلى الصناع بالتشمير والانكماش والفراغ منها؛ فجدُّوا في ذلك وعجَّلوا وقرب أيضًا وقت اختيار المنجمين؛ فأعاد ذو القرنين رسله إلى فور بما يدعوه إليه من طاعته والإذعان لدولته؛ فأجاب جواب مُصرٍّعلى مخالفته مقيم على محاربته. فلمَّا رأى ذو القرنين عزيمته سار إليه بأهبته وقدَّم فور الفيلة أمامه، ودفعت الرجال تلك الخيل وتماثيل الفرسان، فأقبلت الفيلة نحوها ولفت خراطيمها عليها، فلمَّا أحسَّت بالحرارة ألقت مَنْ كان عليها وداستهم تحت أرجلها ومضت مهزومة هاربة لا تلوي على شيء ولا تمرُّ بأحد إلاَّ وطئته. وتقطع فور وجمعه وتبعهم أصحاب الإسكندر وأثخنوا فيهم الجراح، وصاح الإسكندر: يا ملك الهند ابرز إلينا وأبق على عدتك وعيالك ولا تحملهم على الفناء. فإنه ليس من المروءة أن يرمي الملك بعدته في المهالك المتلفة والمواضع المجحفة، بل يقيهم بماله ويدفع عنهم بنفسه. فابرز إلي ودع الجند فأينا قهر صاحبه فهو الأسعد. فلمَّا سمع فور من ذي القرنين ذلك الكلام دعته نفسه إلى ملاقاته؛ طمعًا فيه، وظن ذلك فرصة، فبرز إليه الإسكندر فتجاولا على ظهري فرسيهما ساعات من النهار ليس يلقى أحدهما من صاحبه فرصة ولم يزالا يتعاركان. فلمَّا أعيا الإسكندر أمره ولم يجد فرصة ولا حيلة أوقع ذو القرنين في عسكره صيحة عظيمة ارتجت لها الأرض والعساكر؛ فالتفت فور عندما سمع الزعقة وظنَّها مكيدة في عسكره، فعاجله ذو القرنين بضربة أمالته عن سرجه أتبعها بأخرى فوقع إلى الأرض. فلمَّا رأت الهنود ما نزل بهم وما صار إليه ملكهم حملواعلى الإسكندر فقاتلوه قتالاً أحبوا معه الموت، فوعدهم من نفسه الإحسان ومنحه الله أكتافهم فاستولى على بلادهم وملَّك عليهم رجلاً من ثقاته وأقام بالهند حتى استوسق  له ما أرد من أمرهم واتفاق كلمتهم، ثم انصرف عن الهند وخلَّف ذلك الرجل عليهم ومضى متوجهًا نحو ما قصد له.  

Refine Search

Showing 28,226 through 28,226 of 28,226 results